بتوجيه يحمل طابع "الأولوية القصوى"، وبتكليف مباشر من رئيس التحرير بتقصي وإعلان حقيقة لعبة "مُخلََقة" من جينات حيوانية وبشرية تشبه الكائن الحي، أثارت جدلا في دولة قطر بعدما انتشرت أنباؤها عن طريق التداول عبر البرد الإلكترونية، تطلب تدخل جهات رسمية وإصدار مراسيم وتوصيات وتحذيرات وتعميمها.
وبمطالعة رسائل البريد الإلكتروني التي تحمل عنوانا شهيرا بالإنجليزية "oh my god" وخلفه سطر طويل من علامات التعجب تمهيدًا لهول الصدمة والمفاجأة التي ينطوي عليها الخبر، وجدنا أنها تحتوي على رابط إلكتروني لموقع يوحي بالجدية، وعليه بالطبع صور كثيرة لتلك الدمية "الجينية"، وأخبار وخلافه.
لكن بعد بحث يسير تبين أن الأمر لا يعدو الخدعة؛ فالمسخ الذي يشبه الكلب، ويبدي بعضا من أشكال الحياة، لا وجود له إلا في متحف الخدع، واللعبة التي يشاع أنها تعيش عاما أو ثلاثة أعوام، وتتغذى وتتألم وتبكي ليست حقيقة، وما هي إلا عمل متقن لأحد مهاويس التركيب والتلفيق، مصنوعة من البلاستيك وعصارة الأشجار لإضفاء السحنة الطبيعية عليها، مع كثير من الدوائر الكهربية والوحدات المستخدمة في صناعة الإنسان الآلي لتبدو كأنها تتنفس.
كما تم تصميم موقع إلكتروني استكمالا للخدعة، وكأنه ترويج لها، تم ضبط محتواه ليقنع الجميع بكونها سلعة مهندسة وراثيًّا من جينات بشرية وحيوانية، وأنها كائن حي يمكن تربيته بالمنازل كحيوان أليف.
تم عرض النموذج الأولي للدمية في متحف للخدع بمدينة سان دييجو بولاية كاليفورنيا الأمريكية عام 2006، ثم عُرضت بعد ذلك في عدة معارض فنية بأمريكا الشمالية وأوروبا، وقد أحدث عرضها ضجة، وتناولتها وسائل الإعلام العالمية، مثل محطة بي بي سي، وجريدة التايمز البريطانيتين، ونيويورك تايمز الأمريكية.
غير متاحة بالأسواق
ويبدو الآن بغض النظر عن الجهة التي روجت لها في الخليج أن الجدل يتكرر ويثور حتى يصل الأمر للجهات الرسمية ويتطلب مراسلات بينية، وتحذيرات، لكن الأمر عارٍ تماما من الحقيقة؛
خطاب إدارة الشئون الإسلامية لإدارة الجمارك بقطر
اضغط لتكبير الصورة
وبالتالي لا محل للخوف أو القلق، وهي ليست مطروحة للبيع ولا يوجد من يصنعها، فقد وقف الأمر عند حد متحف الخدع، ولم ينتقل لطور التصنيع؛ وبالتالي لا مجال للتسويق التجاري، والتصدير والاستيراد.
ولن تجد إدارة الجمارك بقطر شحنات ترد على موانيها من هذه اللعبة لكي تمنع دخولها البلاد بناء على توصية إدارة الشئون الإسلامية، والتي تحذر من مغبة دخولها البلاد، وآثارها السلبية على الأطفال، وبالتالي لا محل لمخالفة شرعية أو أخلاقية في الأمر.
فقد أصدرت إدارة الشئون الإسلامية تحذيراً رسميًّا وجهته للهيئة العامة للجمارك والمواني بقطر تطالبها فيه بالتصدي لدخول اللعبة للبلاد.
وجاء في الطلب الرسمي، الذي وقعه مدير إدارة الشئون الإسلامية بقطر، أنه يحيط إدارة الجمارك والمواني علما "بسلعة تجارية يخشى أن تُطرح في الأسواق المحلية، وهي عبارة عن لعبة للأطفال، تم إنتاجها من مزج جينات بشرية وحيوانية، تشبه الكائن الحي الذي يتغذى ويتألم ويبكي مثله مثل أي كائن حي آخر، ويُنتج منها نوعان نوع يعيش لمدة عام واحد، وآخر يعيش لمدة ثلاثة أعوام ثم يموت"!!.
وتابع التوجيه محذراً: "إن مثل هذه الألعاب مخالفة للشريعة والأخلاق الإسلامية، وكما لا يخفى على سيادتكم تأثيرها في الطفل، خصوصا بعد تعلقه بها وما يتركه موت هذه اللعبة من آثار مدمرة لنفسية الطفل".
واستنكر محمد زيدان الباحث الشرعي بشبكة إسلام أون لاين.نت الهلع الذي أصاب الناس من هذه الخدعة؛ إذ كيف يتسنى لأحد أن يشطح ذهنه لتصديق مثل تلك الدعابات، فما من أحد يستطيع خلق قلامة ظفر، والأمر من الناحية العلمية بعيد المنال، وليس بمطمح على أية حال.
وقال زيدان: "لا شك أن هذا الادعاء الذي جاء في المسألة لا يصح بأي حالة من الأحوال؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو المتفرد الأوحد في عملية الخلق {ألا له الخلق والأمر}، وقد تحدى الله سبحانه وتعالى البشر أن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له، فكيف بكائن حي يعيش عاما أو ثلاثة أعوام على زعمهم".
وأضاف في تعجب من تصديق هذه الترهات "وأين لهم بالروح التي هي من عند الله سبحانه وتعالى، الأمر كله ضرب من الخيال لا يمكن أن يتحقق في الواقع، ولا يمكن أن يصدقه عقل سليم، وهو مصادم لكل التعاليم الدينية، والفِطَر الإنسانية".