لسان المواطن الاردني بصفة خاصة ، و المواطن العربي بصفة عامة..أصبحت أحاديثه ارتفاع الأسعار ، و آمال في زيادات مرتقبة يتحدث عنها الوزير الفلاني في الجريدة العلانية..و غدا الكل عبارة عن خبراء اقتصاديين ، يتحدثون عن الوضعية الاقتصادية بالأرقام و مرارة تحسها مع كل كلمة يتفوهونها.
غلاء فاحش ، التكاليف المعيشية لا تطاق ،و كل هذا بسبب عدم كفاية الراتب لسد حاجيات المستهلك . و كما نلاحظ ، فقد تجاوزت أسعار بعض المواد الاستهلاكية الأساسية المائة بالمائة _ كالزيت و الحليب_.
أما إذا تذمر المواطن ، فإن المسئولين سيسارعون للتحدث عن الزيادات في الواتب و الأجور . نعم ، لقد زادت الأجور، و لكن..زيادة وحدة نقدية واحدة تقابلها زيادة بأكثر من وحدة واحدة للمستوى العام للأسعار بصفة طردية.
و للتوضيح أكثر لهذه المشكلة الاقتصادية التي تسمى بالتضخم و هو ال***ادة في حجم النقد المتداول و الذي لا يقابله الزيادة في القدرة الشرائية و الإنتاج . نعتمد على علاقة وضعها الكلاسيكيون ( رائد المدرسة الكلاسيكية : آدم سميث ) و هي :
الأجر الحقيقي = الأجر الاسمي /الأسعار
الأجر الاسمي : هو الأجر الذي يقبضه العامل ، أي الذي يعبر عنه ماليا.
الأسعار : نقصد المستوى العام للأسعار للمواد التي يحتاجها العامل.
الأجر الحقيقي: هو الأجر الفعلي أو بالأحرى القدرة الشرائية و القوة الاقتصادية التي يحققها الأجر للعامل.
إذا..لا تخدعكم الزيادات في الرواتب ، و لا تنعشكم أخبار الزيادات في أسعار البترول..ماذا؟؟؟
أسعار البترول؟؟؟؟؟ و لكن الدول العربية مصدرة للبترول ، و تمتلك مخزونا مهما ، و أكيد عوائد البيع معتبرة.
بكل بساطة، العرب شعب مستهلك غير منتج ، فهم لا يحققون إكتفاءا ذاتيا و لا إشباعا لحاجاتهم و رغباتهم من صناعة و زراعة و القطاع الثالث..فيلجئون إلى استيراد كل المواد و البضائع و التجهيزات إلى غير ذلك من الدول الأخرى ، مما يعرضهم إلى خطر المضاربات و ارتفاع الأسعار في البورصات العالمية و الأسواق المالية ، كما حدث في سنة 2007 و أكيد المناخ و التلوث البيئي لعب دورا أساسيا في ضعف المحاصيل الزراعية.
و كما نعلم كلنا ، أن البترول مادة أولية لا يمكن الاستغناء عنها لتلبية مستلزمات الصناعة ، و الزراعة و القطاع الثالث بالطبع صارا يستخدمان تجهيزات صناعية و مواد وسيطية ضرورية جدا.
من الناحية المحاسبية ، يعتبر كل هذا أعباء أو بالأحرى تكاليف تدخل في تحديد السعر النهائي المعبر بهامش تجاري في نهاية العمليات المحاسبية المتعلقة بها.
و سيعود الضرر على المستهلك لأخير (فقبله يكون مثلا : المستهلك الصناعي و الذي يستهلك المواد الأولية)، لأنه سيتحمل العبئ لامتلاكه السلعة بصفة نهائية .
كما أريد ان أتطرق لبعض النتائج السلبية:
- المشاكل الصحية المرتقبة بسبب تغيير بعض المواطنين لسلوكهم الشرائي ، أو تقليل اقتناء مادة معينة مثل: اللحم ، الحليب ، السمك ، و الفواكه .و اعتبارها كنوع من الكماليات ، طبعا هذا سيؤدي إلى سوء تغذية خصوصا لدى الأطفال ، و بالتالي انتشار أمراض جراء ذلك ، و سوء التحصيل العلمي.
عدول المستثمرين على الإستثمار في الزراعة و الصناعة بسبب التكاليف الضخمة و عدم القدرة على المنافسة.كذلك الوضع البيئي و تغير المدى الحراري جعل من الزراعة أشبه بلعبة القمار.
لن أفكر بالحلول ..لأنني تعودت عليها في الدروس ، و في كلام السياسيين ، لكنني لا أرى شيئا منها يطبق.
و لكم أن تستنتجوها بأنفسكم.
فقد أريد أن أقول لبعض الناس الذين يعيشون في غنى و جاه ، و الذين لا يحسون بشيء اسمه ارتفاع الأسعار و غلاء المعيشة : " احمدوا الله و لا تسرفوا في الأرض ، حاولوا أن تبحثوا عن أناس بالفعل هم بحاجة للعون ،ربما شيء بسيط منكم كفيل بالتخفيف عنهم ، و تذكروا..أن الملك لله ..فلا تحرموا أناسا من ملك الله و ونعمه